المصري العلماني
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المصري العلماني

المصري العلماني
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 لماذا لا أؤيد الدولة الدينية؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
moh555

moh555


المساهمات : 14
تاريخ التسجيل : 24/09/2008

لماذا لا أؤيد الدولة الدينية؟ Empty
مُساهمةموضوع: لماذا لا أؤيد الدولة الدينية؟   لماذا لا أؤيد الدولة الدينية؟ I_icon_minitimeالسبت أغسطس 27, 2011 12:16 pm

سألتني ابنتي لماذا لا تؤيد الدولة الدينية رغم أنك مسلم ومؤمن بالله ورسوله؟ وهو سؤال قد لا تكون إجابته سهلة، خاصة في ضوء ما يروجه دعاة الدولة الدينية من أن الإسلام دين ودولة، وأن الحاكمية يجب أن تكون لله سبحانه وتعالى وليس للبشر، والحقيقة أن هذا الكلام يهدف لابتزاز المسلم البسيط لتأييد تسلط واستبداد أصحاب هذا المبدأ، فأي إنسان إذا ما خُيّر ما بين أن يحكمه بشر وبين أن يحكمه الله العادل، فلابد أنه سيختار الله لأن المقارنة منعدمة أصلا بين الخالق والمخلوق.

المشكلة بالطبع هي أن الله لا يحكم بذاته، ولكنه سيحكم بواسطة بشر مثلنا يبدأون كلامهم بـ “بسم الله الرحمن الرحيم”، ولكنهم في الحقيقة يتحدثون باسمهم هم، وقد كان للإمام علي كرم الله وجهه كلمة ملهمة “القرآن مكتوب لا ينطق ولكن تنطق به ألسنة الرجال”، أي أن الرجال الذين لهم مصالح طبقية وفئوية واجتماعية وشخصية هم الذين يستنطقون القرآن لإسباغ نوع من القداسة على هذه المصالح، وقد عرف الدكتور جلال أمين الدولة الدينية بأنها “دولة يمارس حكامها الحكم باسم الله، معلنين أنهم يطبقون شريعته ويستلهمون مقاصده، ويلتزمون أوامره ونواهيه”، فالدولة الدينية إذاً لا تشترط أن يحكمها رجال الدين مباشرة، فباستثناء دولة الفاتيكان أو الدولة الفاطمية في مصر، كان حكام كل الدول الدينية يمارسون الحكم باسم الله، وكان الخلفاء منذ عمر بن الخطاب رضي الله عنه وحتى السلطان عبد المجيد الثاني – وهو آخر الخلفاء قبل أن يلغي مصطفى كمال أتاتورك نظام الخلافة الإسلامية – يطلق عليهم لقب أمير المؤمنين والخلاف مع معظمهم كان يترجم إلى خلاف مع الله وكم من مفكرين وأئمة اتهموا بالزندقة أو الردة وسجنوا أو عذبوا أو قتلوا.

نحن إذاً لا نتحدث عن مبادئ مجردة ولكننا نتحدث عن تاريخ ممتد لـ 1432 سنة ودونه بدقة عدد كبير من المؤرخين الذين عاصروا الأحداث، وهذا التاريخ المسجل يوضح أنه على عكس ما يروج دعاة الدولة الدينية، فإن الحكم الديني في بلادنا العربية الإسلامية – باستثناء الفترة التي حكم فيها الرسول عليه الصلاة والسلام والخلفاء الراشدين – لم يكن في جوهره مختلفا عن الحكم الديني في أوروبا، فقد كان هذه هي طبيعة العصر، وإذا أخذنا مثلا ما كتبه المقريزي في كتابه “المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار” عن تعامل دولة الخلافة مع المسيحيين المصريين في ولاية عبد الملك بن مروان عام 750م نجده يقول “فاشتد على النصارى واقتدى به قرة بن شريك أيضا في ولايته مصر، وأنزل شدائد لم يبتلوا قبلها بمثلها. … واشتد أيضا أسامة بن زيد التنوخي – متولي الخراج – على النصارى، وأوقع بهم وأخذ أموالهم، ووسم على أيدي الرهبان بحلقة من حديد فيها اسم الراهب واسم ديره وتاريخه، فكل من وجد بغير وسم قطعت يده …. “، وفي عصر الدولة الأموية أمر بعض الخلفاء بأن يرتدي القبط ملابس مميزة وعدم رفع الصلبان على الكنائس، وفي العصر العباسي منع القبط من ركوب الخيل، وسويت قبورهم بالأرض لئلا تساوي قبور المسلمين (المتوكل)، وفي الحكم الفاطمي أمر الحاكم بأمر الله بهدم كنائس، وألغي الاحتفال بالأعياد المصرية، وفي زمن المماليك (حيث استقرت الخلافة الإسلامية بعد سقوط بغداد) تم إجبار الأقباط على ارتداء صلبان معدنية ثقيلة برقابهم، مما كان يحدث آثار برقابهم ومنها أُشتق تعبير “عضمة زرقا” الذي يستخدمه حتى الآن بعض الطائفيين عند الإشارة للمسيحيين المصريين، وفي اعتقادي كمسلم أن كل هذه الأمور لا علاقة لها بالإسلام ولكنها السياسة حين تختلط بالدين.

ولسنا في حاجة للتبحر في التاريخ كي نتعرف على خطر الدولة الدينية، فأنصار الدولة الدينية يفضلون دولة صغيرة متجانسة دينيا مع ما يعتقدونه صحيح الدين، عن دولة كبيرة متعددة الأديان والمذاهب، ولهذا فقد رأينا في العصر الحديث انفصال جنوب السودان بعد سيطرة الإخوان المسلمين على الحكم وتطبيق مفهومهم للشريعة الإسلامية، ورأينا إمارة غزة التي تحكمها حماس (فرع الإخوان في فلسطين)، ورأينا حكم طالبان في أفغانستان، وحكم الملالي في إيران، وحكم آل سعود الوهابيين فى جزيرة العرب فهل هذه هي النماذج التي نود أن نراها في مصر؟

لقد كان أحد الشعارات التي سمعتها في التحرير بعد 25 يناير “لا إخوان ولا أحزاب … ثورتنا ثورة شباب”، وهو تعبير دقيق عن المزاج العام في الوسط الخامد العريض للشعب المصري والذي كان انسحابه من الحياة العامة تعبيرا عن رفضه للفساد الذي يمثله الحزب الوطني وللدولة الدينية التي تمثلها جماعة الإخوان المسلمين ومن شابههم، وقد شارك هؤلاء الشباب في الثورة وطبعوها بطابعهم “لا طائفية ولا رجعية … دولتنا دولة مدنية”، وطوال أيام الثورة لم يرتفع شعار ديني واحد، ولعل هذا كان من أسباب تحرك جماعة الإخوان بسرعة بعد الثورة وتحالفهم مع بقية جماعات الإسلام السياسي للإسراع بإجراء تعديلات دستورية محدودة وإجراء انتخابات برلمانية يأملون في السيطرة عليها، تصيغ دستور الدولة الدينية التي يريدونها قبل أن تنظم قوى الثورة نفسها، ومن التصريحات الملفتة للنظر ما قاله الداعية عبد المنعم الشحات، المتحدث باسم الدعوة السلفية في مصر لجريدة الشرق الأوسط في 18 إبريل 2011، بأن العنصر “الأخطر” في الديمقراطية هو أن مرجعية التشريع للشعب، بينما يجب أن تكون – حسب قوله – “لله” (أي لهم ولشيوخهم).

لقد كان أحد أسباب انتشار تيار الإسلام السياسي قبل الثورة هو اليأس الذي أدخله مبارك وزمرته في قلوب المصريين بحيث فقدوا كل أمل في الدنيا (الحاضر والمستقبل)، فركزوا آمالهم على الحياة الآخرة، وقد أنهت الثورة هذا وأظن أن المنادين بالدولة الدينية قد انتهوا وما نشهده حاليا من مظاهر منفرة للإخوان وذراعهم شبه العسكري من السلفيين هو ما يسميه المصريون “حلاوة الروح”، فقد فتحت أمامنا طاقة المستقبل وكي نتحرك نحوه لا نريد من يسيرون بأقفيتهم وعيونهم مسلطة على ماض بعيد، نحن شعب متدين منذ أن كنا نعبد آمون رع ويشهد على هذا منظر الشباب والشابات الذين كانوا يصلون الجمعة أو يقيمون القداس بميدان التحرير، ولكننا أيضا شعب محب للحياة ومقبل عليها نستمتع بالنكتة ونعشق الغناء ونحب الاحتفالات والفنون والآداب وغيرها، ولا يشدنا فقه الكآبة الذي لا يضمن لنا الآخرة ويضيع الدنيا من بين أيدينا.

نحن كبقية البشر وتسري علينا نفس القوانين الطبيعية والاجتماعية التي تحكم تطور المجتمعات ولن يقودنا إلى المستقبل – كما حدث للدول التي سبقتنا – إلا دولة مدنية أي دولة يحكم حكامها باسم الشعب، وتكون مرجعية التشريع للشعب الذي يدخل في ثقافته العديد من المكونات ومنها المكون الديني بالطبع، وهذه التشريعات تتغير وتتبدل على حسب تطور المجتمع ولكن دائما يكون من يغيرها هم ممثلي الشعب في برلمان منتخب وليس مشايخ أو أئمة أو ملالي، لقد شب الشعب المصري عن الطوق ويستطيع أن يحدد مصيره وفي هذا سوف يخطئ ويصيب كبقية الشعوب، ولكنه سيكون دائما قادرا على تصحيح أخطاءه ليتقدم بلا عوائق إلى المستقبل المشرق الذي نستحقه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
لماذا لا أؤيد الدولة الدينية؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المصري العلماني :: عام :: مناقشات سياسية-
انتقل الى: